حكم الصلاة بإمامة المسلمين مع اختلاف مذاهبهم

من مقابلة صحيفة اللواء اللبنانية مع العلامة السيد علي الأمين                      - 13-8-2008

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


* هل أن حقيقة التقارب بين المذهب وسماع بعض الآراء المعتدلة يعود إلى التقية التي هي جزء من عقيدتكم وهذه إشكالية كبيرة في التقدم بالحوار الإسلامي الإسلامي، فهل ما يقوله علماء الشيعة للتقارب هو من باب التقية فقط؟


الجواب-الإمام جعفر الصّادق كان يدعو أصحابه وشيعته للذهاب إلى مساجد المختلفين معهم في شكل العبادة وإلى عشائرهم والصلاة بصلاتهم وقال (إن المصلي خلفهم كالمصلي خلف رسول الله في الصف الأوّل) وأنه (كالمجاهد في سبيل الله ) وهكذا كان الحكم بالنسبة إلى الصوم وأداء مناسك الحج ولذلك لم يرد عن الأئمة وجوب الإعادة لتلك العبادات بعد ارتفاع الظرف الذي استدعى إظهار الموافقة، وهذا يعني تجاوز الأشكال المختلفة في أداء العبادات والمعاملات إلى وحدة الجوهر والمضمون الذي ينطبق على كل الأشكال والأفراد، فليس جوهر العبادة ومضمونها في شكلها وإنما هو في وحدة الغاية منها والتوجه بها إلى الله المعبود الواحد.
فالإمام الصادق يتوجه بكلامه هذا إلى الجماعة التي اعتادت على شكل خاص في العبادة وفق مذهب خاص ليقول لهم بأن هذا الشكل ليس نهاية العبادة التي لا تنحصر بهذا الشكل وبهذه الشروط بل هي واسعة تشمل هذا الشكل وغيره من الأشكال الأخرى عند المذاهب،وهي تتكافأ في الصحة ولذلك لم تكن الدعوة إلى الإتيان بها مخصوصة بظروف طارئة وإنما كانت دعوة شاملة لحالات فيها القصد والإختيار بالسعي لأدائها في الأماكن التي تشكل مظهراً من مظاهر الوحدة في الأمة.

وهذا يعني أن التقية التي كان يدعو إليها ليست طريقة ظرفية سرية وإنما هي الطريقة الدائمة للبحث عن المشترك والإبتعاد عن مظاهر الإنقسام والإختلاف حفاظاً على وحدة الأمة والجماعة، ومن المعلوم أن حاجة الأمة إلى الوحدة ليست حاجة ظرفية وإنما هي حاجة مستمرة ودائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،

ولأن الغاية من التقية التي دعا إليها الإمام الصادق هي الوحدة التي تتجلى في البحث عن المشتركات والأخذ بها عبر عنها بقوله (التقية ديني ودين آبائي) (ومن لا تقية له لا دين له) لأن الذي يرفض العمل بالتقيّة بهذا المعنى يرفض المشترك ويرفض الآخر، وهو بذلك يخالف الوحدة التي تقع في طليعة الاهداف الدينية.

ولذلك نقول إن ما يعمل له بعض علماء الشيعة وغيرهم حول التقارب ليس أمراً عابراً وظرفياً إنه تكليف شرعي يجب القيام به والإستمرار عليه وفيه استجابة لقول الله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}·