العلامة الأمين : من يرفض الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية لا يقبل بأي رأي آخر

العلامة السيد علي الأمين لـ <اللواء>: الأكثرية لم تكن وهمية - من يرفض الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية لا يقبل بأي رأي آخر - أداء المعارضة سبب لخسارتها وتمارس الإبتزاز

30 / 06 / 2009

§ دار الإفتاء الجعفري في صور محتلة وأغراضي الشخصية ما زالت محتجزة وموقع الإفتاء لا أتمسك به ولا أدافع عنه وأعتقد أن ما قمت به ما زلت مستمراً عليه هو قناعتي الدينية وواجبي الوطني

§ من يرفض الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية لا يقبل بأي رأي آخر

الحوار مع سماحة العلامة السيّد علي الأمين عادة ما كان يسبر أغوار القضايا الفكرية والثقافية والفقهية، وذلك نظراً لما <للسيّد> من عطاءات فكرية واسعة وشاملة.
فالسيّد الأمين ما زال على رفضه لآحادية الفكرة الواحدة أو الاستقطاب الأحادي، فهو من أشد أنصار <الرأي الآخر> في داخل الطائفة أو المذهب أو في العمل السياسي العام، وعليه برى أن عزله من موقع الإفتاء إضافة الى عناوين أخرى يؤكد أن حركة <أمل> و<حزب الله> يرفضان الرأي الآخر في الطائفة الشيعية وهذا مخالف لمبدأ وفكرة التشيّع، وأن دار الإفتاء في صور محتلة من الميليشيا التابعة لـ <أمل>.

وأكد السيّد علي الأمين في حواره مع <اللواء> أن يده ما زالت ممدودة <للإخوة> ولكن لم يرَ تجاوباً حتى الآن.

وحول الانتخابات النيابية يرى أنها أكدت أن الأكثرية ليست وهمية كما كان يدّعون، وأن خسارة المعارضة للانتخابات جاء نتيجة آدائها منذ سنوات، وأعلن أنه من حق الأكثرية أن تحكم ولكن ما نراه الآن أن الأقلية تقوم بعملية إبتزاز.

وحول أحداث إيران رأى أنها نتيجة تراكمات لسلبيات في أداء السلطة، والإيراني لا يرى أن ولاية الفقيه سلطة إلهية صاحبها لا يخطئ، ولذلك قامت حركة الاعتراض لتهزّ صورة الولي الفقيه.

الحوار مع العلاّمة السيّد علي الأمين كان شاملاً وجاءت وقائعه على الشكل التالي:

الأكثرية ليست وهمية

إنتهت الانتخابات النيابية الى نتائج معروفة. كيف قرأت هذه الانتخابات وفقاً لقانون 1960 قبل الانتخابات؟ وكيف وجدت نتائج الانتخابات؟

- لا شك بأن لبنان إنتهى من هذا الاستحقاق المهم الذي هو الاستحقاق الانتخابي، ولكن المهم الآن أن نرتب المفاعيل على هذه النتائج لأنه عندما احتكمنا الى صناديق الاقتراع وهذا يعتبر خطوة جيدة وذلك يستدعي الاستجابة الى النتائج، الذي نخشاه نحن مع غضّ النظر عن قانون الـ 60 وأنه ليس بمستوى الطموحات الشعبية، وليس النيابية لأن النواب وافقوا عليه وصوّتوا عليه وبعد تصويتهم على قانون 1960 بدأوا يبكون على قانون النسبية الذي ذبحوه في عملية دعائية إنتخابية أكثر منها حقيقية.

الآن الذي نراه بعد انتهاء الانتخابات والنتائج التي أبرزت أن هناك أكثرية موجودة لدى فريق 14 آذار ولم تعد هذه الأكثرية كما كانوا يقولون سابقاً، هي أكثرية وهمية وأنها أكثرية بالتزوير وما شابه ذلك.

أثبتت صناديق الاقتراع فعلاً أن هناك أكثرية نيابية لهذا الفريق اللبناني، ولكن بدأنا نرى من تصريحات بعض أطراف المعارضة، ومن خلال ما جرى في المجلس النيابي، وجدنا أنه الآن لا يوجد تصميم عند أطراف المعارضة على الأقل على الالتزام بنتائج هذه الانتخابات، وبالنتائج أعطت أكثرية، وهناك أقلية، وفي كل بلاد الدنيا وفي كل الأنظمة السياسية في العالم أن الأكثرية هي التي تشكل الحكومة والأقلية التي تعارض.

أداء المعارضة سبب خسارتها

هل كنت تتوقع أن تكون النتائج على ما جاءت عليه؟

- توجد لي تصريحات مكتوبة قبل الانتخابات، كنت آتوقع أن الموالاة تأخذ أكثر مما حصلت عليه ولم أكن متوقعاً أبداً أن تفوز المعارضة لأن من كان يتابع أدائها ورأي الناخب اللبناني بعيداً عن الاستطلاعات التي كانت تلقى في الصحف والإذاعات وفي غيرها، فقد كنت متأكداً من أن الموالاة ستحصد كثيراً من المواقع أكثر مما حصلت عليه.

7 أيار والانتخابات

برأيك، ما هي العوامل التي ساهمت بأن تكون النتيجة وفقاً للصورة التي ظهرت عليها؟

- العوامل هي أداء المعارضة في السنوات الماضية، أداء المعارضة كان أداء متعثراً وكان أداء أساء الى لبنان، أساء الى الصيغة اللبنانية وإلى العيش المشترك وإلى النظام البرلماني والديمقراطي، ناهيك عن ما جرى في 7 أيار 2008، فكل هذه الأمور كان الناخب اللبناني ينظر ويتطلع إليها وكان ينتظر الفرصة من أجل أن يعبّر عن رأيه في استنكار هذه المحطات التي حصلت، وكانت الانتخابات هي المحطة التي حاول الناخب اللبناني أن يعبّر عن رأيه في رفض الأداء الذي قامت به المعارضة طيلة السنوات الماضية.

الحكم للأكثرية

إنتهت الانتخابات الآن، وقد حصل انتخاب رئيس مجلس النواب، بتقديرك هل سيتم التوافق على الأكثرية والأقلية؟

- إذا أردنا أن نعود الى الصيغ الماضية، صيغ ما يسمى بالمشاركة أو بصيغ التوافق معناه أنه ألغينا نتائج الانتخابات. أنا أعتقد أنه لو كان هناك توافق عربي كما يقولون، فالتوافق العربي أعلن مراراً بأنه <إحتكموا أنتم الى صناديق الإقتراع> وصناديق الاقتراع أفرزت غالبية وأقلية ويجب أن تحكم الأكثرية. يمكن للأكثرية أن تقبل بمشاركة الأقلية ولكن لا على أن تكون المشاركة فرضاً وواجباً عليها، لأن هذا يتنافي مع نتائج الانتخابات ومع النظام البرلماني الذي نحن نؤمن به في لبنان.

من هنا الآن بعضهم بدأ يطرح النسبية في الحكومة والبعض يقول إنه لا بد من المشاركة وبعضهم الآخر يقول بأن لبنان لا يُحكم إلا بالمشاركة، وبعض قيادات <حزب الله> يقول بأن الأغلبية وإن حصلت على مقاعد نيابية كثيرة ولكن لا يمكنها أن تحكم أو أن تفرض ما تريد، إذاً هذا معناه رفض لنتائج الانتخابات وأننا قد عدنا الى الماضي ولم نعد الى الدستور.

ولذلك أنا أرى أنه لن نتقدم خطوة وخصوصاً أن ما أشرت إليه بأن انتخابات رئاسة مجلس النواب قد حصلت بتوافق عربي، لو كان هناك توافق عربي لما كانت حصلت بالصيغة التي كانت عليه، فقد وجدنا أن رئيس مجلس النواب الذي أعطته الموالاة من أجل أن يصبح رئيساً لأنه لا يمكن أن يحصل على رئاسة المجلس بأصوات المعارضة والتي هي أقلية، فإذاً حتماً هو أصبح رئيساً بأصوات الموالاة والأكثرية، بينما في نائب الرئيس، وجدنا أنه لم يحصل على شيء من أصوات المعارضة يُذكر إلا النذر اليسير وهي 4 أصوات وهي نتيجة علاقات شخصية مع دولة نائب رئيس مجلس النواب وليست من خلال اعتماد الأقلية.

وهذا معناه أنه في عملية تسمية رئيس الحكومة سيكون هناك أيضاً تجاذب لأن التجاذب الذي حصل في المجلس النيابي خصوصاً أن هناك بعض التصريحات لبعض قيادات المعارضة بأن الأمور متروكة الى الاستشارات النيابية، بينما كانوا قبل جلسة مجلس النواب يقولون بأنهم يرشحون الشيخ سعد الحريري.

الآن نرى أن هناك اختلافاً في اللغة وأعتقد بأن هذه الأمور التي تلقاها فريق الأكثرية نتيجة الركاكة في التعاطي مع الأقلية وكأن الأكثرية لا تصدق نفسها بأنها أكثرية، ولذلك هي تستجدي دائماً الأقلية وتذهب إليها وتطلب منها، بينما على العكس ما ينبغي أن يكون أي الأقلية هي التي تحتاج الى رضا الأكثرية، بينما الذي نشاهده الآن ما بعد الانتخابات كالذي كنا نشاهده قبل الانتخابات من أن هناك سعياً متواصلاً لجلب رضا الأقلية من قبل الأكثرية.

الشيعة ليسا <حزب الله> و<أمل>

السيد علي الأمين حالياً متواجد في العاصمة ويتواصل مع قاعدته الشعبية عبر تواجده في العاصمة. هل توجد مؤشرات الى عودة السيّد الأمين الى موقعه الطبيعي في مدينة صور من أجل التواصل مع قاعدته الشعبية مباشرة؟

- هذا أمر لم أبحثه مع أحد في هذه الفترة ولا في غيرها، حيث لا تزال دار الإفتاء الجعفري مغتصبة وقد تحوّلت الى مكتب حزبي لحركة <أمل> وهو تابع للوقف الجعفري، ولا تزال مكتبتي وأغراضي الشخصية محتجزة ولم أحصل على شيء منها منذ أن خرجنا من دار الإفتاء بقوة السلاح في 9 أيار في العام الماضي.

وكما قلت سابقاً، قبل أن يُجتاح دار الإفتاء الجعفري في صور من خلال أحداث 7 أيار وما تلاه، قلت بأن موقع الإفتاء لا أتمسك به ولا أدافع عنه، فهذا أخيراً هو شأنهم، وأعتقد أن ما قمت به ما زلت مستمراً عليه هو قناعتي الدينية وواجبي الوطني، الذي يدفعني الى النقد والاعتراض لأداء حركة <أمل> و<حزب الله> اللذين حاولا أن يحصرا الطائفية الشيعية بهذين التنظيمين، وما زلت على هذا الموقف ولا يعني لي ذلك المنصب شيئاً، مع أنني طبعاً منذ أن اتخذت هذه المواقف منذ العام 2006 في حرب تموز، قلت بأن يدي ممدودة لأي لقاء مع قوى الأمر الواقع على الساحة الشيعية ولكنني لم أسمع جواباً لليد الممدودة حتى ا لساعة.

رفض الرأي الآخر

لبنان مقدم على أجواء تصالحات، ألم تنعكس هذه على الساحة الشيعية؟

- أعتقد بأن هذه التصالحات هي أمور ظاهرية لأنه لو كان هناك فعلاً جدّية في التصالحات بين الثنائي الشيعي وبين التيارات السياسية الأخرى في لبنان، لو كان هناك تصالحات مع الأكثرية كما يقال، يجب أن يقوموا بحالة تصالحات داخل طوائفهم لأنهم لا يقتنعون بالرأي الآخر، أعتقد بأن الظروف تفرض عليهم أن يتعاطوا مع الأكثرية وليست قناعاتهم بوجود الرأي الآخر لأن من يرفض الرأي الآخر داخل طائفته كيف يقبل بالرأي الآخر المعاكس له من خارج طائفته؟!! هم حتى الآن يعكسون من خلال أدائهم طيلة السنوات الماضية وفي الانتخابات التي جرت في الجنوب والبقاع رفضوا أن يكون هناك من يمكنه أن يعبّر عن رأيه مع أن حظوظه بالفوز كانت قليلة ولكنهم لا يريدون صوتاً آخر، بل هم يريدون أن يظهروا بأن الطائفة الشيعية في عملية استفتاء هي عبّرت عن رأيها وهي لا تريد سوى هذا الثنائي.

نحن في الحقيقة لا ننكر بأن لهذين الثنائي الشيعي قاعدة شعبية وهذه القاعدة ليست وليدة اليوم فقد أصبح لهم في العمل السياسي ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن، فمن هنا نقول بأن لهم حضورهم ووجودهم. نحن نقول ليس هذا الوجود الحزبي الذي يعبّر عن الطائفة الشيعية كلها، لا يمكن لأي حزب أو تنظيم أو قيادة أن تختزل طائفة بشخصها ورأيها ولكن هذا لا يعني في الحقيقة أن وجود شعبية لهذين التنظيمين على الساحة الشيعية أنه لا يوجد آراء أخرى داخل الطائفة الشيعية!!

هناك رأي آخر في الطائفة الشيعية وقد لوحظ ازدياده وكثرته بعد حرب تموز، عندما رفعت الصوت، ولكن طبعاً العوامل التي تساعد على تظهيره غير موجودة، بما في ذلك، قلت سابقاً، بأن الدولة والأكثرية لم يعملا على تغيير المعادلة داخل الطائفة الشيعية، فعندما قالت الأكثرية بأنها تريد أن تخوض الانتخابات النيابية على كل الأراضي اللبنانية وجدنا أنه عندما أتت الانتخابات لم تخضها في مختلف المناطق اللبنانية، كما أننا لا نجد أن الدولة والحكومات المتعاقبة كانت دائماً في تعاطيها الميداني حتى بعد حرب تموز، كان كل الدعم لقوى الأمر الواقع بحيث الممر الإجباري لخدمات الطائفة الشيعية جنوباً وبقاعاً وضاحية هو <حزب الله> وحركة <أمل>، فهذه الدولة والحكومات المتعاقبة لا تعطي أدنى الخدمات للرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية!!! ولا توجد أي مساعدات في هذا الإطار، ومن هنا بقيت الحالة الإعلامية باتجاه الثنائي.

ومع ذلك الانتخابات الأخيرة كشفت عن أنه هناك نسبة الاقتراع وصلت الى 50%، إذاً هناك 50% الآخرين لم يصوّتوا، هذا يعني أنه لو كافة الطائفة الشيعية تؤمن بشرعية هؤلاء لزحفت، ولذلك لا معنى لأن يُقال بأن الأكثرية الشعبية مع فريق الأقلية.

من هنا نقول بأنه مع ذلك، الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية هو في حالة تنامي وتكاثر وحالة النقد والاعتراض أصبحت أشد من الماضي.

في إيران إعتراض على السلطة

حول الانتخابات الإيرانية، كيف تقرأ الحالة الاعتراضية في الشارع الإيراني؟

- الحالة الاعتراضية التي جرت في الشارع الإيراني، أعتقد أنها نتيجة تراكمات ولم تكن وليدة ساعتها وإنما وجدت في نافذة الانتخابات الرئاسية التي حصلت لتعبّر عن آرائها واعتراضها على أداء السلطة في إيران وإدارة السلطة القائمة.

لأنه، طبعاً هناك ملفات عديدة، المعارضة التي ظهرت في الشارع الإيراني كشفت عن عدم الرضا بها وليس في ملف الرئاسة فقط، لأنه من خلال الشعارات طرحت عدة أمور مثلاً في ملف الحريات السياسية والملف الاقتصادي والاجتماعي في إيران وطرح بعض الشعارات التي قرأتها في اللغة الفارسية، تقول: <لا غزّة ولا لبنان، فنحن فدى إيران>، فهذا يعني أن هناك نقداً للأمور الأخرى.

لم يمدح الشعب الذي خرج الى الشوارع في طهران الملف النووي الذي يتحدثون عنه في الإعلام الإيراني، فهذا يعني أن هناك نقداً متعدداً لأداء إدارة السلطة في إيران، أظهرته عندئذٍ الانتخابات حيث لم توجد الآلية المحايدة التي تحظى بثقة الجمهور لأن خروج الناس بهذا الحجم الكبير واعتراض تلك القيادات الأساسية في النظام الإيراني سابقاً معناه أن هناك عدم ثقة بين هذه الشريحة الكبرى وبين السلطة القائمة في إيران.

الفقيه ليس معصوماً

هناك من يقول بأن هذه الحركة الاعتراضية الكبيرة لا يظهر منها الا جزء بسيط في الاعلام، انها هزّت مكانة الولي الفقيه؟

- لا شك انها هزّت المكانة الموجودة في نفوس من يسمع بولاية الفقيه خارج ايران، هناك طبعاً هالة تعطى لولاية الفقيه خارج إيران وكأنها ولاية السماء على الارض بحيث لا يجوز مخالفتها حتى بالنظرة او بالكلمة او بالموقف. الشعب الايراني لا يفهم ولاية الفقيه على انها ولاية من السماء نازلة الى الارض وابرز دليل على ذلك هو الاعتراض الذي جرى في الشارع، خصوصاً من قيادات دينية كبيرة وهم ابناء الثورة الايرانية، وهم لا ينظرون بأن ولاية الفقيه هي ولاية معصومة عن الخطأ وانه لا يجوز الاعتراض عليها.

أنا الذي ألحظه، انه مثلاً في لبنان هناك تسويق لولاية الفقيه على ان طاعة الفقيه هي طاعة الله وان معصية الفقيه هي معصية الله وهي ليست كذلك، هذه نظرة حتى في الاصول الشرعية لولاية الفقيه، عند مَن يقول ان لها اصولاً دينية، هي ليست موجودة.

ففي عهد الامام علي، كان يقول لقاعدته واتباعه: <فلا تكفوا عن مقالة بحق او مشورة بعدل، فإني لست في نفس بفوق ان اخطى ولا آمن ذلك على نفسي>. فهو كان يقول لهم، عليكم ان تعرضوا العدل على الحاكم: <فإن من استذكر الحق ان يقال له والعدل ان يعرض عليه كان العمل به ما عليه اثقل>.

فلذلك، حتى في الاصول القديمة وحتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك اعتراض من الصحابة ومن المسلمين فهذه ليست ولاية تمنع من التعبير.

ففي عهد انتخابات خاتمي الاولى، عندما كان المرشح ناطق نوري وكان هو مرشح ولاية الفقيه واعلن يومها المرشد السيد خامنئي تأييده علناً الى المرشح ناطق نوري فأخذ ناطق نوري 5 ملايين واخذ السيد خاتمي 15 مليوناً، اي انه بذلك خالف الولي الفقيه، اذا لا معنى لان تقول بأن الولي الفقيه يمنحك حرية الرأي والاختيار ثم يحاسبك عليها.

فمعنى ان تقول لي انتخب فهذا يعني انك لست مسؤولاً وهي ليست مخالفة للمعصوم. فمن هنا، ما جرى في ايران، في الايام الاخيرة، يكشف عن ان هذا الجمهور المعترض لا يرى بأن هناك حرمة في معارضة الولي الفقيه او في انتقاده او في اظهار خطئه.

هذه المظاهرات التي حصلت والاحداث الاليمة التي حصلت ستؤدي الى ولادة اجتهادات اخرى في صيغة ولاية الفقيه الحاكمة، لان صيغة ولاية الفقيه ليست محصورة بالصيغة الحالية في ايران لان لها صيغاً متعددة.

صيغة ولاية الفقيه في الحكم لا يَقصد بها من طرحها هي ولاية الفقيه الفرد والحاكم الفرد، لان الادلة التي منحت الفقيه هذه الولاية لم تمنحه هذه الولاية بوصفه فرداً وانما اعطت الولاية للعموم.

مثلاً، من جملة الادلة التي استدل بها الامام الخميني على ولاية الفقيه <العلماء ورثة الانبياء>. إذاً العلماء هم الذين يأخذون الولاية وليس العالم الواحد ولذلك هناك صيغ متعددة لولاية الفقيه لا تنحصر بفرد.

مساحة للاعتراض على ولاية الفقيه

لاحظنا بأن هناك من طهران انقسام بين المرجعيات الدينية حول الموقف من الحركة الطالبية ومن الانتخابات، على ماذا يدل هذا؟

- بدل على ان هناك مساحة للاعتراض على موقع ولاية الفقيه. فليس ما يقوله الولي الفقيه يستوجب صمت كل الناس وتأييدهم لما يقول. فهناك رؤية دينية لا ترى ان هناك حاكمية للفقيه فيما اذا اعتقد الناس خطأه في ادارة الشؤون.

والشيخ المنتظري هو من جملة الآراء والفقهاء الموجودين هناك والذي طلب ان يكون هناك اعتذاراً من الناس على ما جرى في شوارع ايران. وهو كان له اعتراضات سابقة على الادارة وليـس على اصل النظام.

لا حلول وسط في ايران

بتقديرك الى اين الامور ذاهبة في ايران؟

- لا اعتقد ان يتم تسوية في ايران لان طبيعة النظام الموجود في ايران وطبيعة الخلافات القائمة لا تسمح بالحلول الوسط. لا شك بأن النظام قادر على قمع هذه المظاهرات ولكن هذا القمع سيزيد من الشرخ الذي حصل ومن الانقسامات التي حصلت في المجتمع الايراني وازال تلك الصورة الاجتماعية من الشعب على الحكم في ايران، التي كان النظام حريصاً دائماً على اظهارها في الداخل والخارج.

هذا الانقسام الذي حصل اسقط صوره شبه الاجماع التي كانوا يحاولون اظهارها. القمع سيحدث مزيداً من الانقسامات وهذا الانقسام سيتفاعل ليمتد الى المجتمع الايراني ككل. وهذا سيؤدي الى الاضرار بأصل النظام.

فقد يكون الاعتراض الذي على الادارة وعلى السلطة القائمة ولكن اذا استمر القمع سيؤدي بعدئذٍ الى توجه الانظار الى النظام نفسه وفي هذا مضرة لكل الشعب الايراني وللنظام الايراني.